أتى رمضان مزرعة العباد *** لتطهير القلوب من الفساد
فأدِّ حقوقه قولاً وفعلاً *** وزادك فاتخذه للمعاد
فمن زرع الحبوب وما سقاها *** تأوه نادماً يوم الحصاد
• يا من طالت غيبته عنا قد قربت أيام المصالحة، يامن دامت خسارته، قد أقبلت أيام التجارة الرابحة، من لم يربح في هذا الشهر ففي أي وقت يربح؟ من لم يقرب فيه من مولاه فهو على بعده لا يبرح
ابن رجب
يا ذا الذي ما كفاه الذنب في رجب *** حتى عصى ربه في شهر شعبان
لقد أظلك شهر الصوم بعدهما *** فلا تصيره أيضاً شهر عصيان
ورتل القرآن، سبح فيه مجتهداً *** فإنه شهر تسبيح وقرآن
واحمل على جسد ترجو النجاة له *** فسوف تضرم أجساد بنيران
كم كنت تعرف ممن صام في سلف *** من بين أهل وجيران وإخوان
أفناهم الموت واستبقاك بعدهم *** حيا فما أقرب القاصي من الداني
ومعجب بثياب العيد يقطعها *** فأصبحت في غد أثواب أكفان
حتى متى يعمر الإنسان مسكنه *** مصير مسكنه قبر لإنسان
• روى البخاري في صحيحه والإمام أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (كل عمل ابن آدم له كفارة، إلا الصوم والصوم لي وأنا أجزي به) واللفظ لأحمد
ومن أحسن ما قيل في شرح هذا الحديث ما قاله سفيان بن عيينة رحمه الله، قال: هذا من أجود الأحاديث وأحكمها، إذا يوم القيامة يحاسب الله عبده ويؤدي ما عليه من المظالم من سائر عمله حتى لا يبقى الا الصوم، فيتحمل الله عز وجل ما بقي عليه من المظالم, ويدخله بالصوم الجنة.
أخرجه البيهقي في الشعب وغيره.
• وفي التقرب إلى الله بالصيام فوائد:
منها: كسر النفس، فإن الشبع والري ومباشرة النساء تحمل النفس على الأشر والبطر والغفلة.
ومنها: تخلي القلب للفكر والذكر، فإن تناول هذه الشهوات قد تقسي القلب وتعميه، وتحول بين العبد وبين الذكر والفكر، وتستدعي الغفلة، وخلو البطن من الطعام والشراب ينور القلب ويوجب رقته ويزيل قسوته، ويخليه للذكر والفكر.
ومنها: أن الغني يعرف قدر نعمة الله عليه، بإقداره له على ما منعه كثيراً من الفقراء من فضول الطعام والشراب والنكاح، فإن بامتناعه من ذلك في وقت مخصوص وحصول المشقة له بذلك يتذكر من منع من ذلك على الإطلاق، فيوجب له ذلك شكر نعمة الله عليه بالغنى، ويدعوه إلى رحمة أخيه المحتاج ومواساته بما يمكن.
ومنها: أن الصيام يضيق مجاري الدم التي هي مجاري الشيطان من ابن آدم، فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فتسكن بالصيام وساوس الشيطان وتنكسر سورة الشهوة والغضب، ولهذا جعله النبي صلى الله عليه وسلم وِجاء، لقطعه عن شهوة النكاح.
• قال الحسن: تقول الحوراء لولي الله وهو متكئ معها على نهر العسل تعاطيه الكأس: إن الله نظر إليك في يوم صائف بعيد ما بين الطرفين، وأنت في ظمأ هاجرة من جهد العطش، فباهى بك الملائكة، وقال: انظروا إلى عبدي ترك زوجته وشهوته ولذته وطعامه وشرابه من أجلي، رغبة فيما عندي، اشهدوا أني قد غفرت له، فغفر لك يومئذ وزوجنيك.
• كان بعض الصالحين كثير التهجد والصيام، فصلى ليلة في المسجد ودعا فغلبته عيناه فرأى في منامه جماعة علم أنهم ليسوا من الآدميين، بأيديهم أطباق عليها أرغفة ببياض الثلج، فوق كل رغيف در كأمثال الرمان، فقالوا: كل، فقال: إني أريد الصوم، قالوا له: يأمرك صاحب هذا البيت أن تأكل، قال: فأكلت وجعلت آخذ ذلك الدر لأحتمله، فقالوا له: دعه نغرسه لك شجراً ينبت لك خيراً من هذا، قال: أين؟ قالوا: في دار لا تخرب، وثمر لا يتغير، وملك لا ينقطع، وثياب لا تبلى، فيها رضوى، وعينا، وقرة أعين، أزواج رضيات مرضيات راضيات، لا يغِرن ولا يُغَرن، فعليك بالانكماش فيما أنت، فإنما هي غفوة حتى ترتحل فتنزل الدار.
فما مكث بعد هذه الرؤيا إلا جمعتين حتى توفي فرآه ليلة وفاته في المنام بعض أصحابه الذين حدثهم برؤياه وهو يقول: لا تعجب من شجر غرس لي في يوم حدثتك وقد حمل، فقال له: ما حمل؟ قال: لا تسأل، لا يقدر أحد على صفته، لم يُرَ مثل الكريم إذا حل به مطيع.
• خرج ابن خزيمة في صحيحه من حديث سلمان مرفوعاً حديثاً في فضل شهر رمضان وفيه (وهو شهر المواساة، وشهر يزاد فيه رزق المؤمن، من فطّر فيه صائماً كان مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء) قالوا: يا رسول الله ليس كلنا يجد ما يفطر الصائم، قال: (يعطي الله هذا الثواب لمن فطر صائماً على مذقة لبن أو تمرة أو شربة ماء، ومن أشبع فيه صائماً سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ بعدها، حتى يدخل الجنة)
• كان ابن عمر يصوم ولا يفطر إلا مع المساكين، فإذا منعه أهله عنهم لم يتعشَّ تلك الليلة، وكان إذا جاءه سائل وهو على طعامه أخذ نصيبه من الطعام وقام فأعطاه السائل، فيرجع وقد أكل أهله ما بقي في الجفنة، فيصبح صائماً ولم يأكل شيئاً.
واشتهى بعض الصالحين من السلف طعاماً وكان صائماً، فوضع بين يديه عند فطوره، فسمع سائلاً يقول: من يقرض المليَّ الوفيَّ الغنيّ؟ فقال: عبده المعدم من الحسنات، فقام فأخذ الصحفة فخرج بها إليه وبات طاوياً.
وجاء سائل إلى الإمام أحمد فدفع إليه رغيفين كان يعدهما لفطره ثم طوى وأصبح صائماً، وكان الحسن يطعم إخوانه وهو صائم تطوعاً، ويجلس يُروحهم وهم يأكلون.
وكان ابن المبارك يطعم إخوانه في السفر الألوان من الحلواء وغيرها وهو صائم.
• خرّج الإمام أحمد من حديث بريدة مرفوعاً (أن القرآن يلقى صاحبه يوم القيامة حين ينشق عنه قبره كالرجل الشاحب فيقول: هل تعرفني؟ أنا صاحبك الذي أظمأتك في الهواجر، وأسهرت ليلك وكل تاجر من وراء تجارته، فيعطى المُلك والخلد بشماله ويوضع على رأسه تاج الوقار، ثم يقال له: اقرأ واصعد في درج الجنة وغرفها، فهو في صعود ما دام يقرأ هذّاً كان أو ترتيلاً)
• في حديث عبادة بن الصامت الطويل (إن القرآن يأتي صاحبه في القبر فيقول له: أنا الذي كنت أسهر ليلك وأظمئ نهارك وأمنعك شهوتك وسمعك وبصرك، فستجدني من الأخلاء خليل صدق، ثم يصعد فيسأل له فراشاً ودثاراً فيؤمر له بفراش من الجنة وقنديل من الجنة وياسمين من الجنة، ثم يُدفع القرآن في قبلة القبر فيوسع عليه ما شاء الله من ذلك)
• قال ابن مسعود: ينبغي لقارئ القرآن أن يُعرف بليله إذا الناس نائمون، ونهاره إذا الناس يفطرون، وببكائه إذا الناس يضحكون، وبورعه إذا الناس يخلطون، وبصمته إذا الناس يخوضون، وبخشوعه إذا الناس يختالون، وبحزنه إذا الناس يفرحون.
• قال أحمد بن الحواري: إني لأقرأ القرآن وأنظر في آية فيحير عقلي بها، وأعجب من حفاظ كتاب القرآن كيف يهنيهم النوم، وسعهم أن يشتغلوا بشيء من الدنيا وهم يتلون كلام الله، أما إنهم لو فهموا ما يتلون وعرفوا حقه، وتلذذوا به، واستحْلَوا المناجاة به لذهب عنهم النوم فرحاً بما قد رزقوا.
• يامن ضيع عمره في غير طاعة، يامن فرط في شهره بل في عمره وأضاعه، يامن بضاعته التسويف والتسويف وبئست البضاعة، يامن جعل خصمه القرآن وشهر رمضان كيف ترجو ممن جعلته خصمك الشفاعة؟
رُب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، وقائم حظه من قيامه السهر، كل قيام لا ينهى عن الفحشاء والمنكر لا يزيد صاحبه إلا بعداً، وكل صيام لا يصان عن قول الزور والعمل به لا يورث صاحبه إلا مقتاً وردّاً، يا قوم أين آثار الصيام؟ أين أنوار القيام؟
ابن رجب
• عباد الله.. شهر رمضان قد انتصف، فمن منكم حاسب نفسه فيه لله وانتصف؟ من منكم قام في هذا الشهر بحقه الذي عرف؟ من منكم عزم قبل غلق أبواب الجنة أن يبني له فيها غرفاً من فوقها غرف؟ ألا إن شهركم قد أخذ في النقص فزيدوا أنتم في العمل، فكأنكم به وقد انصرف، فكل شهر فعسى أن يكون منه خلف، وأما شهر رمضان فمن أين لكم منه خلف؟
ابن رجب
ترحل الشهر والهفاه وانصرما *** واختص بالفوز بالجنات من خدما
وأصبح الغافل المسكين منكسراً *** مثلي فيا ويحه يا عظم ما حرما
من فاته الزرع في وقت البدار فما *** تراه يحصد إلا الهم والندما
• وإنما كان عيد الفطر من رمضان عيداً لجميع الأمة لأنه يعتق فيه أهل الكبائر من الصائمين من النار، فيلتحق فيه المذنبون بالأبرار، كما أن يوم النحر هو يوم العيد الأكبر لأن قبله يوم عرفة وهو اليوم الذي لا يرى يوم من الدنيا أكثر عتقاً من النار منه، فمن أعتق من النار في اليومين فله يوم عيد، ومن فاته العتق في اليومين فله يوم وعيد.
ابن رجب
رمضان الخير ع الدنيا غير
فأدِّ حقوقه قولاً وفعلاً *** وزادك فاتخذه للمعاد
فمن زرع الحبوب وما سقاها *** تأوه نادماً يوم الحصاد
• يا من طالت غيبته عنا قد قربت أيام المصالحة، يامن دامت خسارته، قد أقبلت أيام التجارة الرابحة، من لم يربح في هذا الشهر ففي أي وقت يربح؟ من لم يقرب فيه من مولاه فهو على بعده لا يبرح
ابن رجب
يا ذا الذي ما كفاه الذنب في رجب *** حتى عصى ربه في شهر شعبان
لقد أظلك شهر الصوم بعدهما *** فلا تصيره أيضاً شهر عصيان
ورتل القرآن، سبح فيه مجتهداً *** فإنه شهر تسبيح وقرآن
واحمل على جسد ترجو النجاة له *** فسوف تضرم أجساد بنيران
كم كنت تعرف ممن صام في سلف *** من بين أهل وجيران وإخوان
أفناهم الموت واستبقاك بعدهم *** حيا فما أقرب القاصي من الداني
ومعجب بثياب العيد يقطعها *** فأصبحت في غد أثواب أكفان
حتى متى يعمر الإنسان مسكنه *** مصير مسكنه قبر لإنسان
• روى البخاري في صحيحه والإمام أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (كل عمل ابن آدم له كفارة، إلا الصوم والصوم لي وأنا أجزي به) واللفظ لأحمد
ومن أحسن ما قيل في شرح هذا الحديث ما قاله سفيان بن عيينة رحمه الله، قال: هذا من أجود الأحاديث وأحكمها، إذا يوم القيامة يحاسب الله عبده ويؤدي ما عليه من المظالم من سائر عمله حتى لا يبقى الا الصوم، فيتحمل الله عز وجل ما بقي عليه من المظالم, ويدخله بالصوم الجنة.
أخرجه البيهقي في الشعب وغيره.
• وفي التقرب إلى الله بالصيام فوائد:
منها: كسر النفس، فإن الشبع والري ومباشرة النساء تحمل النفس على الأشر والبطر والغفلة.
ومنها: تخلي القلب للفكر والذكر، فإن تناول هذه الشهوات قد تقسي القلب وتعميه، وتحول بين العبد وبين الذكر والفكر، وتستدعي الغفلة، وخلو البطن من الطعام والشراب ينور القلب ويوجب رقته ويزيل قسوته، ويخليه للذكر والفكر.
ومنها: أن الغني يعرف قدر نعمة الله عليه، بإقداره له على ما منعه كثيراً من الفقراء من فضول الطعام والشراب والنكاح، فإن بامتناعه من ذلك في وقت مخصوص وحصول المشقة له بذلك يتذكر من منع من ذلك على الإطلاق، فيوجب له ذلك شكر نعمة الله عليه بالغنى، ويدعوه إلى رحمة أخيه المحتاج ومواساته بما يمكن.
ومنها: أن الصيام يضيق مجاري الدم التي هي مجاري الشيطان من ابن آدم، فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فتسكن بالصيام وساوس الشيطان وتنكسر سورة الشهوة والغضب، ولهذا جعله النبي صلى الله عليه وسلم وِجاء، لقطعه عن شهوة النكاح.
• قال الحسن: تقول الحوراء لولي الله وهو متكئ معها على نهر العسل تعاطيه الكأس: إن الله نظر إليك في يوم صائف بعيد ما بين الطرفين، وأنت في ظمأ هاجرة من جهد العطش، فباهى بك الملائكة، وقال: انظروا إلى عبدي ترك زوجته وشهوته ولذته وطعامه وشرابه من أجلي، رغبة فيما عندي، اشهدوا أني قد غفرت له، فغفر لك يومئذ وزوجنيك.
• كان بعض الصالحين كثير التهجد والصيام، فصلى ليلة في المسجد ودعا فغلبته عيناه فرأى في منامه جماعة علم أنهم ليسوا من الآدميين، بأيديهم أطباق عليها أرغفة ببياض الثلج، فوق كل رغيف در كأمثال الرمان، فقالوا: كل، فقال: إني أريد الصوم، قالوا له: يأمرك صاحب هذا البيت أن تأكل، قال: فأكلت وجعلت آخذ ذلك الدر لأحتمله، فقالوا له: دعه نغرسه لك شجراً ينبت لك خيراً من هذا، قال: أين؟ قالوا: في دار لا تخرب، وثمر لا يتغير، وملك لا ينقطع، وثياب لا تبلى، فيها رضوى، وعينا، وقرة أعين، أزواج رضيات مرضيات راضيات، لا يغِرن ولا يُغَرن، فعليك بالانكماش فيما أنت، فإنما هي غفوة حتى ترتحل فتنزل الدار.
فما مكث بعد هذه الرؤيا إلا جمعتين حتى توفي فرآه ليلة وفاته في المنام بعض أصحابه الذين حدثهم برؤياه وهو يقول: لا تعجب من شجر غرس لي في يوم حدثتك وقد حمل، فقال له: ما حمل؟ قال: لا تسأل، لا يقدر أحد على صفته، لم يُرَ مثل الكريم إذا حل به مطيع.
• خرج ابن خزيمة في صحيحه من حديث سلمان مرفوعاً حديثاً في فضل شهر رمضان وفيه (وهو شهر المواساة، وشهر يزاد فيه رزق المؤمن، من فطّر فيه صائماً كان مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء) قالوا: يا رسول الله ليس كلنا يجد ما يفطر الصائم، قال: (يعطي الله هذا الثواب لمن فطر صائماً على مذقة لبن أو تمرة أو شربة ماء، ومن أشبع فيه صائماً سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ بعدها، حتى يدخل الجنة)
• كان ابن عمر يصوم ولا يفطر إلا مع المساكين، فإذا منعه أهله عنهم لم يتعشَّ تلك الليلة، وكان إذا جاءه سائل وهو على طعامه أخذ نصيبه من الطعام وقام فأعطاه السائل، فيرجع وقد أكل أهله ما بقي في الجفنة، فيصبح صائماً ولم يأكل شيئاً.
واشتهى بعض الصالحين من السلف طعاماً وكان صائماً، فوضع بين يديه عند فطوره، فسمع سائلاً يقول: من يقرض المليَّ الوفيَّ الغنيّ؟ فقال: عبده المعدم من الحسنات، فقام فأخذ الصحفة فخرج بها إليه وبات طاوياً.
وجاء سائل إلى الإمام أحمد فدفع إليه رغيفين كان يعدهما لفطره ثم طوى وأصبح صائماً، وكان الحسن يطعم إخوانه وهو صائم تطوعاً، ويجلس يُروحهم وهم يأكلون.
وكان ابن المبارك يطعم إخوانه في السفر الألوان من الحلواء وغيرها وهو صائم.
• خرّج الإمام أحمد من حديث بريدة مرفوعاً (أن القرآن يلقى صاحبه يوم القيامة حين ينشق عنه قبره كالرجل الشاحب فيقول: هل تعرفني؟ أنا صاحبك الذي أظمأتك في الهواجر، وأسهرت ليلك وكل تاجر من وراء تجارته، فيعطى المُلك والخلد بشماله ويوضع على رأسه تاج الوقار، ثم يقال له: اقرأ واصعد في درج الجنة وغرفها، فهو في صعود ما دام يقرأ هذّاً كان أو ترتيلاً)
• في حديث عبادة بن الصامت الطويل (إن القرآن يأتي صاحبه في القبر فيقول له: أنا الذي كنت أسهر ليلك وأظمئ نهارك وأمنعك شهوتك وسمعك وبصرك، فستجدني من الأخلاء خليل صدق، ثم يصعد فيسأل له فراشاً ودثاراً فيؤمر له بفراش من الجنة وقنديل من الجنة وياسمين من الجنة، ثم يُدفع القرآن في قبلة القبر فيوسع عليه ما شاء الله من ذلك)
• قال ابن مسعود: ينبغي لقارئ القرآن أن يُعرف بليله إذا الناس نائمون، ونهاره إذا الناس يفطرون، وببكائه إذا الناس يضحكون، وبورعه إذا الناس يخلطون، وبصمته إذا الناس يخوضون، وبخشوعه إذا الناس يختالون، وبحزنه إذا الناس يفرحون.
• قال أحمد بن الحواري: إني لأقرأ القرآن وأنظر في آية فيحير عقلي بها، وأعجب من حفاظ كتاب القرآن كيف يهنيهم النوم، وسعهم أن يشتغلوا بشيء من الدنيا وهم يتلون كلام الله، أما إنهم لو فهموا ما يتلون وعرفوا حقه، وتلذذوا به، واستحْلَوا المناجاة به لذهب عنهم النوم فرحاً بما قد رزقوا.
• يامن ضيع عمره في غير طاعة، يامن فرط في شهره بل في عمره وأضاعه، يامن بضاعته التسويف والتسويف وبئست البضاعة، يامن جعل خصمه القرآن وشهر رمضان كيف ترجو ممن جعلته خصمك الشفاعة؟
رُب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، وقائم حظه من قيامه السهر، كل قيام لا ينهى عن الفحشاء والمنكر لا يزيد صاحبه إلا بعداً، وكل صيام لا يصان عن قول الزور والعمل به لا يورث صاحبه إلا مقتاً وردّاً، يا قوم أين آثار الصيام؟ أين أنوار القيام؟
ابن رجب
• عباد الله.. شهر رمضان قد انتصف، فمن منكم حاسب نفسه فيه لله وانتصف؟ من منكم قام في هذا الشهر بحقه الذي عرف؟ من منكم عزم قبل غلق أبواب الجنة أن يبني له فيها غرفاً من فوقها غرف؟ ألا إن شهركم قد أخذ في النقص فزيدوا أنتم في العمل، فكأنكم به وقد انصرف، فكل شهر فعسى أن يكون منه خلف، وأما شهر رمضان فمن أين لكم منه خلف؟
ابن رجب
ترحل الشهر والهفاه وانصرما *** واختص بالفوز بالجنات من خدما
وأصبح الغافل المسكين منكسراً *** مثلي فيا ويحه يا عظم ما حرما
من فاته الزرع في وقت البدار فما *** تراه يحصد إلا الهم والندما
• وإنما كان عيد الفطر من رمضان عيداً لجميع الأمة لأنه يعتق فيه أهل الكبائر من الصائمين من النار، فيلتحق فيه المذنبون بالأبرار، كما أن يوم النحر هو يوم العيد الأكبر لأن قبله يوم عرفة وهو اليوم الذي لا يرى يوم من الدنيا أكثر عتقاً من النار منه، فمن أعتق من النار في اليومين فله يوم عيد، ومن فاته العتق في اليومين فله يوم وعيد.
ابن رجب
رمضان الخير ع الدنيا غير